لقد أفاض القرآن العظيم في وصف العوامل والأسباب التي تتدخل في تكوين السحب، وهطول المطر، وذلك قبل أن يتوصل العلماء حالياً إلى معرفتها. وأوضح القرآن أن الرياح هي التي تثير السحب وتوزع حملها من الأمطار : (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ
فِي
السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ
مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا
هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[سورة الروم].
كما
فرق القرآن بين أنواع السحب، وأوضح كيف يخرج الودق [أي المطر ] من خلال
هذا الركام (الذي يشبه الجبال)، وكيف ينهمر البرد من هذا الركام (الذي يشبه
الجبال)، وكيف ينهمر البرد من هذا النوع فقط من السحب : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء)[سورة النور:43].
وكيف يحدث البرق والرعد ؟ وكيف تقوم الرياح بتلقيح السحب؟ :( وَأَرْسَلْنَا
الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء
فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ {22} )[سورة الحجر].
وأصبح من المعلوم الآن أن السحب تتكون حينما يبرد الهواء، ويصل إلى نقطة الندى( Dew Point)، أو درجة التشبع (Saturation)، فتقل قدرته على حمل بخار الماء (water vapour)
فيتحول إلى نقطة ماء، أو إلى بلورات ثلج، حسب درجة حرارة تلك المنطقة من
الجو هذا وقد أشرنا إلى أن القطيرات المائية، التي تتصاعد محمولة على متن
الريح الصاعدة، صغيرة جداً بحيث لا ترى إلا بالمجهر [ الميكروسكوب]، وخفيفة
جداً لدرجة أنها تصعد مع أهدأ تيار هوائي.. وتزداد أحجام هذه القطيرات
شيئاً فشيئاً ـ كما أوضحنا من قبل ـ فتكون السحابة في النهاية مشكلة من
قطيرات ماء وهواء، ويمثل الهواء النقي أكثر من 99% من مكونات أية سحابة.
وينزل الماء الطهور العذب بهطول السحابة وهو ما أشار إليه القرآن العظيم في قول الله تعالى :( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا) [سورة الفرقان: 48].
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا)[سورة المرسلات:27].
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا)[سورة المرسلات:27].
نعم وذلك لأن أشعة الشمس بما فيها من أشعة فوق بنفسجية (Ultraviolet) وأشعة تحت حمراء ( infrared) وغاز الأوزون ( Ozon)
ولأن البرق، ولأن المركبات الكيميائية المختلفة الموجودة في طبقات الجو
العليا، تقوم هذه وتلك بقتل الميكروبات، وإعدام الأحياء الدقيقة الضارة
التي تحملها الرياح عادة وتدخل بها في السحب، وبالتالي ينزل المطر بماء
طاهر نظيف خال من الجراثيم والميكروبات، وهي الكائنات التي لم يعرفها
الإنسان إلا بعد أن أكتشفها العالم الفرنسي " باستير" في القرن التاسع عشر الميلادي ( أي بعد نزول القرآن بنحو أثني عشر قرناً ميلادياً) .
وماء المطر عذب " فرات"،
فبالرغم من أن ما صعدت به الرياح وكونت به السحب، إنما هو ماء مالح من
البحار والمحيطات ، فإن الله سبحانه هيأ الأسباب لإزالة ملوحته أثناء عملية
البخر الطبيعي !!! أليس هذا إعجاز للكتاب في وصف السحاب ؟ ! بل إنه كذلك،,,
لدينا أربعة نصوص قرآنية تشرح ـ بالتفصيل ـ جوانب مهمة في السحب والمطر هي :
(1) (لَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ
يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ
وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ
مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ
بِالْأَبْصَارِ)[سورة النور:43].
(2) (اللَّهُ
الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي
السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ
مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ {48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[سورة الروم].
(3) (
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ {68} أَأَنتُمْ
أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ {69} لَوْ نَشَاء
جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ{70} أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ )[سورة الواقعة:68_70].
(4) (إنَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِوالْفُلْكِ
الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ
اللّهُ ِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
وَبَثَّ فِيهَامن كل ِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ
الْمُسَخِّرِ بيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ)[سورة البقرة:164].
هذه
نصوص قرآنية سنرجع إليها كثيراً، لذلك أثبتناها هنا، وفيما يلي نعرض ما
نريد أن نوضح به جوانب فيها كل الناس (حتى القرن السابع عشر الميلادي)
يعتقدون بأن السحب عبارة عن هواء بارد سميك، إلى أن ظهر " ديكارت"
وقال بأن الهواء وبخار الماء شيئان مختلفان، ولكن القرآن العظيم حين نزل
(في القرن السابع الميلادي) فرق بين الرياح والسحب، وبين الدور الذي تقوم
به الرياح في تكوين السحب وإنزال المطر والبرد منها.
وكلما
اكتشف العلماء حقيقة علمية أو توصلوا إلى معرفة أسرار حدث كوني أو أمر
طبيعي، ثم طالعنا آيات القرآن العظيم، وجدناها قد أشارت إليه، أو ذكرته، أو
شرحته، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. وهكذا يظهر القرآن على غيره مما
يحاول الحاقدون أن يتشبثوا به ... وهكذا يظل هذا الكتاب المجيد متجدداً
ومستمر العطاء ودائم الإبهار لجميع الدراسين له..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق